كشف تسربات المياه باستخدام أحدث التقنيات

كشف تسربات المياه أحد أهم الخطوات لحماية المباني من الأضرار الناجمة عن التسربات المائية، والتي قد تؤدي إلى مشاكل كبيرة مثل الرطوبة، العفن، و تلف الأسطح. مع تقدم التكنولوجيا، أصبح من الممكن كشف تسربات المياه بالأجهزة الحديثة التي تضمن دقة وفعالية في تحديد موقع التسرب دون الحاجة إلى تدمير الأسطح أو إجراء حفريات.

سنتعرف الآن على أحدث تقنيات كشف تسربات المياه وكيف ساعدت هذه التقنيات في تحسين عملية الكشف، تقليل التكاليف، و الحد من الأضرار المرتبطة بالتسربات المائية.

كاميرات التصوير الحراري (Thermal Imaging Cameras)

مبدأ العمل

تعتمد هذه الكاميرات على قياس الإشعاع الحراري المنبعث من الأسطح، والذي يرتبط بشكل مباشر بدرجة حرارتها. تستخدم أجهزة استشعار خاصة (Microbolometer أو Focal Plane Array) لكشف هذا الإشعاع وتحويله إلى إشارة كهربائية. ثم تُعالَج هذه الإشارة رقميًا لإنشاء صورة حرارية تُظهر توزيع درجات الحرارة على السطح المفحوص.

في حالة وجود تسرب، ستظهر منطقة التسرب بدرجة حرارة مختلفة عن المناطق المحيطة، إما أعلى (في حالة تسرب مياه ساخنة أو بخار) أو أقل (في حالة تسرب مياه باردة أو هواء بارد). تُعرض هذه الاختلافات في درجات الحرارة على شكل صور حرارية بألوان مختلفة.

حيث تُشير الألوان الدافئة (مثل الأحمر والأصفر) إلى درجات حرارة أعلى، والألوان الباردة (مثل الأزرق والأرجواني) إلى درجات حرارة أقل. وتُقاس هذه الاختلافات عادةً بوحدات مئوية أو فهرنهايت، بالإضافة إلى عرضها بصرياً.

مزايا الكاميرات الحرارية

• دقة عالية في تحديد مواقع التسرب، حتى تلك الخفية خلف الجدران أو تحت الأرضيات.
• سرعة الفحص، مما يوفر الوقت والجهد مقارنة بالطرق التقليدية.
• عدم الحاجة إلى فتح الجدران أو الأرضيات في المراحل الأولية للفحص، مما يقلل من التكلفة والأضرار.
• إمكانية الكشف عن مجموعة واسعة من التسربات، بما في ذلك تسربات المياه، والهواء، والغازات.
• توفير تقارير حرارية مفصلة مع صور حرارية عالية الدقة.
• إمكانية استخدامها في ظروف الإضاءة المنخفضة أو حتى في الظلام الدامس.

عيوب الكاميرات الحرارية

• تأثّر دقة الكشف بسمك الجدران والمواد المستخدمة في البناء. فالجدران السميكة أو المواد العازلة قد تعيق اختراق الإشعاع الحراري وتقلل من دقة القياس.
• ارتفاع سعر الكاميرات، خاصةً الكاميرات عالية الدقة والمتطورة.
• الحاجة إلى خبرة فنية في تفسير الصور الحرارية، حيث يتطلب الأمر معرفة بالخصائص الحرارية للمواد المختلفة وقدرة على تمييز الأنماط الحرارية المختلفة.
• تأثير العوامل البيئية مثل درجة الحرارة والرطوبة والرياح على دقة القياس.
• قد لا تكون فعالة في الكشف عن تسربات المياه الصغيرة جدًا أو التسربات التي تحدث في أماكن يصعب الوصول إليها.

أجهزة الاستشعار الصوتية (Acoustic Leak Detectors)

تُستخدم أجهزة الاستشعار الصوتية للكشف عن تسربات المياه في الأنابيب، سواء كانت أنابيب مياه مدفونة تحت الأرض أو أنابيب مكشوفة. تعتمد هذه الأجهزة على مبدأ الاستماع للأصوات ذات الترددات العالية التي تصدرها التسربات، وهي أصوات لا يمكن للأذن البشرية سماعها بوضوح.

مبدأ العمل

تعمل هذه الأجهزة عن طريق التقاط الأصوات عالية التردد الناتجة عن تسرب المياه. تنتج هذه الأصوات من عدة عوامل، مثل صوت الهواء المضغوط الذي يتسرب من الشقوق الصغيرة في الأنابيب، أو صوت فقاقيع الهواء التي تتشكل نتيجة التسرب، أو حتى صوت المياه نفسها وهي تتسرب تحت ضغط.

تحتوي هذه الأجهزة على ميكروفونات شديدة الحساسية مصممة خصيصاً لالتقاط هذه الأصوات الضعيفة، ثم تُضخم هذه الإشارات الصوتية لتسهيل تحديد موقع التسرب. بعض الأجهزة تستخدم تقنيات فلترة متقدمة للتخلص من الضوضاء الخلفية، مثل أصوات المرور أو الرياح. وتعتمد دقة تحديد موقع التسرب على حساسية الميكروفون وقوة إشارة التسرب.

مزايا أجهزة الاستشعار الصوتية

• دقة عالية في تحديد المواقع: قادرة على تحديد مواقع التسرب بدقة عالية، حتى في الأنابيب المدفونة على أعماق كبيرة، مما يقلل من الحاجة للحفر المكثف والبحث العشوائي.
• سهولة الاستخدام: معظم أجهزة الكشف الصوتية سهلة الاستخدام نسبياً، وتأتي مع واجهة مستخدم بسيطة وبديهية. يتطلب التشغيل عادةً توصيل الجهاز وتشغيله ثم مسح المنطقة المراد فحصها.
• تكلفة أقل من بعض التقنيات الأخرى: مقارنةً بتقنيات الكشف الأخرى، مثل كاميرات التصوير الحراري، تعتبر أجهزة الكشف الصوتية أقل تكلفة، مما يجعلها خياراً اقتصادياً، خاصةً للمشاريع الصغيرة أو أعمال الصيانة الروتينية.
• سرعة الفحص: يمكن استخدامها لفحص مساحات واسعة نسبياً في وقت معقول.

عيوب أجهزة الاستشعار الصوتية

• تأثرها بالضوضاء الخلفية: قد تتأثر دقة الكشف بوجود ضوضاء خلفية عالية، مثل ضوضاء المرور أو أنظمة الصرف الصحي، مما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة أو صعوبة في تحديد مواقع التسرب.
• صعوبة الكشف عن التسربات البطيئة أو الصغيرة: قد لا تتمكن من الكشف عن التسربات البطيئة جداً أو الصغيرة جداً التي تنتج عنها أصوات ضعيفة جداً.
• الحاجة إلى مهارة في التشغيل: على الرغم من سهولة استخدامها بشكل عام، إلا أن الحصول على أفضل النتائج يتطلب بعض الخبرة والمهارة في استخدام الجهاز وفهم خصائص الأصوات التي يدل عليها.
• عدم فعاليتها في بعض أنواع الأنابيب: قد لا تكون فعالة في أنواع معينة من الأنابيب أو التربة التي تعيق انتقال الصوت بشكل فعال.

كشف تسربات المياه بالأجهزة باستخدام الغازات (Gas Leak Detection)

مبدأ العمل

تعتمد هذه التقنية على حقن غاز حامل غير ضار، وغالباً ما يكون الهيليوم أو الهيدروجين، في نظام المياه تحت ضغط معين. يتم اختيار الغاز الحامل بناءً على خصائصه الفيزيائية والكيميائية، ويكون خفيفاً ليسهل اختراقه لأي تشققات أو ثقوب في الأنابيب.

بعد حقن الغاز، يتم استخدام أجهزة استشعار حساسة للغاية، مثل أجهزة الكشف عن الهيليوم أو أجهزة قياس الطيف الكتلي المحمولة، للكشف عن وجود هذا الغاز في الهواء المحيط بالأنابيب.

وجود الغاز في الهواء يشير بشكل مباشر إلى وجود تسرب في النظام، وبتحديد تركيز الغاز و توزيعه يمكن تحديد موقع تسربات المياه بدقة عالية. تستخدم بعض الأجهزة تقنيات متطورة مثل التصوير الحراري لتحديد موقع التسريب بصورة أكثر دقة.

المميزات

• دقة عالية في تحديد مواقع التسرب، حتى في الأنابيب المدفونة على أعماق كبيرة أو تلك الموجودة داخل الخرسانة.
• فعالية عالية في الكشف عن التسربات الصغيرة جداً التي يصعب اكتشافها بالطرق التقليدية.
• مناسبة لمجموعة واسعة من أنواع أنابيب المياه، سواء كانت مصنوعة من الحديد أو البلاستيك أو غيرها.
• تحديد مواقع التسرب بشكل غير مدمر، مما يقلل من الحاجة إلى عمليات حفر واسعة النطاق لإصلاح التسربات.
• توفير الوقت والجهد والمال على المدى الطويل مقارنةً بالطرق التقليدية.

العيوب

• تكلفة عالية نسبياً مقارنة بالطرق التقليدية، خاصةً تكلفة الأجهزة المتقدمة و الفحوصات المتكررة.
• الحاجة إلى فنيين متخصصين ومدربين على استخدام هذه الأجهزة وفهم نتائجها.
• قد تتطلب إغلاق النظام لفترة من الزمن لضمان دقة النتائج، وذلك لمنع تداخل الغازات الأخرى في الهواء.
• قد تكون غير عملية في بعض الحالات، مثل الأنظمة المعقدة جداً أو التي تحتوي على مواد قد تتفاعل مع الغاز الحامل.
• بعض الغازات الحاملة، مثل الهيدروجين، قد تكون قابلة للإشتعال في ظروف معينة، مما يتطلب التعامل معها بحذر.

يجب اختيار جهاز كشف تسربات المياه المناسب بناءً على نوع المبنى، وموقع التسرب المحتمل، والميزانية المتاحة.